جمال منيب يقدم وصفة للتداريب الذهنية
أوضح جمال منيب أن تطوير السلوكات الذهنية يجب أن يخضع لقانون "لوبتيموم" وهو ما يعني أن أي سلوك من قبيل الثقة بالنفس مثلا ، يجب أن يلقن لأي لاعب وفق جرعات مناسبة دون نقصان أو مبالغة، لأنه إذا تجاوز حده انقلب إلى ضده
"الكرة تلعب بالعقل أما الأرجل فمجرد أداة" .. بهذه العبارة اختتم المدير التقني لنادي " أڨاداس" جمال منيب محاضرته، حول الألعاب المصغرة في تنمية المهارات الذهنية، وبها نستهل ورقتنا ، إذ تلخص في بضع كلمات كل ما عرضه من التفاصيل في مداخلته، حيث تنطلق كل المهارات، من العقل وتصنع داخله، قبل أن يوجه الأوامر للأعضاء الأخرى قصد تنفيذها .
بعدما سبق التطرق في محاضرات سابقة إلى أهمية استخدام الألعاب المصغرة في تطوير الجوانب البدنية والتقنية والتكتيكية، يأتي الشق المتعلق بالجانب الذهني لإسدال الستار على هاته السلسلة من اللقاءات التكوينية مع الأطر الأڨاداسية حول لتيمة الألعاب المصغرة. ولأهمية وغنى ما تضمنته المحاضرة، نعود لبسط محاورها حتى يستفيد منها الجميع.
أكد جمال منيب في بداية مداخلته على أن أربعة عناصر تتدخل في تشكيل هوي أي لاعب، ويتعلق الأمربالعناصر التالية: بدنية، تقنية، تكتيكية وذهنية، إلا أنه يبقى للجانب الذهني أهميته القصوي، بل صار الاهتمام به ضروريا وواجبا في تكوين اللاعبين. وقد يعتقد البعض أن الحديث عن الذهن يحيل إلى أشياء مجردة، وواقع الحال يقول بأن هذا العنصر يشتغل عليه هو الآخر في التداريب.
وقدم المحاضر نموذجا يقوم على استخدام الألعاب المصغرة في تنمية القدرات الذهنية لدى اللاعبين الناشئين. كيف يتحقق هذا الأمر إذن؟.. ذاك ما أوضحه المدير التقني لنادي "أڨاداس" البيضاوي ، طيلة مدة محاضرته بتحديد مختلف الآليات والأدوات للتخلص من المواقف الذهنية السلبية، مثل: الاستسلام وتنزيل اليدين في المقابلة.. خسارة كل النزالات الفردية، انعدام الإرادة، الخوف، انعدام الثقة، تضييع الفرص أمام المرمى... كل هاته الأمثلة وغيرها، تؤثر بشكل سلبي على مردوية اللاعب، ولا تجعله يتقدم في مستواه إلى الأمام. وهنا، كما قال جمال منيب، يظهر الفرق في الحالة المغربية ما بين لاعبي الهواة والدوري الاحترافي. ففي الدوري الاحترافي، يتعين على اللاعبين معرفة كيفية تدبير الجانب الذهني من خلال التهييء الجيد للمقابلة: النوم الباكر، الاعتناء بالصحة، الاعتناء بالنظام الغذائي، الاستعداد بما يكفي من الوقت، حتي يكون اللاعب يوم المباراة جاهزا، ويقدم أحسن مستوى...
كل هذا يغيب لدى اللاعب في قسم الهواة كما أكد جمال منيب، حيث لا يعتني بنفسه، ويحضر إلى التداريب باستهتار ولامبالاة، كأنه يأتي لها وهو يضحك و يستمع إلى الموسيقى، وبالتالي ليس هناك لا تركيز ذهني ولاتهييء بدني ، فكيف يمكن أن يقدم لك مثل هذا اللاعب عطاء يوم المقابلة؟ يتساءل المتحدث ذاته.
هل كل المواقف والسلوكات الذهنية الإيجابية قابلة للتعلم والاكتساب؟ الجواب: نعم.. كما جاء على لسان المدير التقني لنادي "أڨاداس" من خلال تداريب تستند إلى الألعاب المصغرة والتي تختلف أشكالها حسب الهدف المرغوب في الوصول إليه: هل هو التركيز؟ التنافسية ؟ الشراسة؟ الحدة في اللعب؟، الثقة بالنفس؟، المثابرة؟، نكران الذات من أجل الفريق؟... وغيرها من الأهداف، لأن التدريب الذهني يروم أساسا تطوير السلوكات الذهنية عبر وسائل وتقنيات تستخدم خصائص وموارد العقل.
وأوضح جمال منيب أن تطوير السلوكات الذهنية يجب أن يخضع لقانون "لوبتيموم"، وهو ما يعني أن أي سلوك من قبيل الثقة بالنفس مثلا، يجب أن يلقن لأي لاعب وفق جرعات مناسبة بدون نقصان أو مبالغة، لأنه إذا تجاوز حده المعقول انقلب إلى ضده، وقد يواجه المؤطر أو المدرب حالات مستعصية لبعض اللاعبين الناشئين، لا تنفع في تقويمها كل الأساليب المتاحة. و في هذه الحالة، نصح جمال منيب بضرورة تدخل ذوي الاختصاص سواء كانوا أطباء نفسيين أو المتخصصين في "الكوتش مونتال ".
وقدم جمال منيب في محاضرته عددا من الأمثلة للألعاب المصغرة والتي تضمنت حالات مختلفة: إما خمسة ضد خمسة، أو أربعة ضد أربعة، أو ثمانية ضد ثمانية، و إما حالات فيها تفوق عددي لفريق على آخر، أو ثلاثة فرق تلعب دفعة واحدة عليها أن تسجل في مرمين صغيرين، وتدافع في الوقت نفسه، حتى لايسجل عليها في المرميين أيضا.
وفي كل هذا، تبقى الصلاحية للمؤطر في تحديد التمرين المناسب للهدف المرغوب في تحقيقه، حسب ما يلاحظه بحكم معايشته لفريقه من نقص ونقط ضعف في هذا السلوك الذهني أو ذاك.