لمياء مجيد العلوي: المعرفة مفتاح النجاح في كرة القدم
لبنة أخرى من نوع خاص، يضيفها نادي "أڨاداس" البيضاوي، إلى صرحه الخاص بالتكوين المستمر، حيث انفتح لأول مرة على العنصر النسوي من خلال الأستاذة لمياء مجيد العلوي، إذ قررت أن يشكل مرورها الأڨاداسي علامة مميزة، لما اختارت موضوع لم يغرس بعد في تربة كرة القدم الوطنية ألا وهو "عقلية القائد في ميدان كرة القدم"، تناولته بتفصيل، وقدمت طبقا غنيا وممتعا، سيتواصل بحصة ثانية لعلها تشفي عطش المتعطش إلى المعرفة.
يتابع نادي "أڨاداس" البيضاوي لكرة القدم، سلسلة حصص تكوينه المستمر الجامعة بين الإمتاع والإفادة، ويؤكد حصة تلو أخرى رهانه الرابح على هذا الأمر مستقبلا لتطوير خدماته المقدمة لمنخرطيه، باعتبارهم المستهدف من هذا الضلع الأساسي في السياسة الأڨادسية على مستوى تدبير مدرسته التكوينية. فثمة مشروع يشتغل عليه القائمون على النادي منذ سنوات بدون أي تسرع، بل ينضجون شروطه على نار هادئة،عنوانه الكبير كرة القدم كأداة للتربية، وهدفه الأكبر أن تتحول "أڨاداس" إلى علامة مضيئة في مجال تطعيم الساحة الكروية بتكوين لاعبين يجمعون بين الجانبين الفني والخلقي في شخصيتهم.
بعد بضع أيام على تكوين عال المستوى، أشرف عليه خبير عالمي هو الاسباني كريستيان أليسا ما بين 21 و 23 يونيو الجاري 2022 ، حول موضوع "المنهجية المبنية على تطوير اللاعب في سياق جماعي"، برمج نادي "أڨاداس" حصة أخرى تنتمي إلى كوكب آخر، أنزلتها على ملعب القرب بعين السبع يوم الاثنين 27 من الشهر نفسه، الأستاذة لمياء مجيد العلوي، واختارت أن تتناول موضوعا جديدا كل الجدة بالنسبة لنا في عالم كرة القدم وهو "عقلية القائد "ليدرشيب" في كرة القدم"، بحضور الإطار الوطني المقتدر عبد الرحيم طاليب.
نادي "أڨاداس" ضرب عصفورين بحجر واحد في هاته الحصة، أولا انفتح لأول مرة على العنصر النسوي في محاضرات التكوين المستمر لأطره، وثانيا طرق موضوعا جديدا، لم ينل بعد حظه من البحث والدراسة من جهة، ومن جهة أخرى ما تزال أنديتنا الاحترافية في كرة القدم بعيدة عن التفكير بهذا المنطق، حيث تغرق في وحل مشاكل بنيوية على مستوى التدبير متراكمة منذ سنوات.
العنوان كعتبة أولى لهاته المحاضرة مستفز ومحفز، يدفعك لحضورها، فعلا كان محظوظا كل من حضرها غنى مضامينها أولا، واكتشاف لأرض معرفية جديدة ثانيا. كانت حصة ممتعة أدارتها باقتدار ينم عن إلمامها الأكاديمي بالموضوع، و ما أضفى قيمة أكبر عليه، هو تمكن لمياء مجيد العلوي، من ابتكار لغة تواصل جديدة هجينة ما بين الفرنسية والعربية والدارجة وأحيانا وأن بدرجة أقل الانجليزية، وهو ما جعل الحاضرين والمتابعين للبث المباشر على صفحة نادي "أڨاداس" بموقع "فيسبوك"، لا يجدون أي صعوبة في فهم تفكيكها لمفهوم القيادة أو القائد في كرة القدم.
ماهو مفهوم القائد؟ بالجواب عن هذا السؤال استهلت لمياء مجيد العلوي درسها التكويني، مقدمة تعريفا يتضمن ثلاثة معايير تحدد الشخص المستحق لحمل صفة القائد ممثلة في القدرة على أن يقود، يؤثر، ويتحول لمصدر استلهام. ثلاث عناصر قد تبدو سهلة بحكم اختزالها في ثلاثة كلمات، بيد أن التمتع بها غير متاح أمام أي كان، بل تتطلب من صاحبها الاشتغال على نفسه باستمرار، وأن يراقب تصرفاته وخطاباته على الدوام، حتى لا تهتز صورته ووضعه الاعتباري أمام الآخرين، وهو ما يتطلب منه أن تكون لديه مجموعة مرجعية يعود إليها ويستند عليها في استلهام روح زعامته أو قيادته، تمكنه من امتلاك أدوات التأثير، توصيل الرسائل إلى المجموعة، وخلق التفاف جماعي من طرفهم حول هدف واحد وهو النجاح
"لماذا في العالم العربي والقارة الافريقية ليس لدينا إيمان بروح القيادة"؟ سؤال مشروع طرحته بأسف لمياء مجيد العلوي في خضم محاضرتها، مسجلة ملاحظة بهذا الخصوص، مفادها أنه في الوقت الذي يغيب هذا المفهوم عندنا كأفارقة وعرب، يحضر بشكل كبير في الدوريات الأوربية القوية كالدوري الانجليزي، حيث يعرف هو وغيره مشاركة لاعبين يتحدرون من القارة السمراء بعدما أقلموا نفسه مع البيئة الجديدة . ما الأسباب إذا وراء هذا الوضع ؟ الجواب تلخصه المحاضرة أولا في الذهنية، الحل الجذري لتجاوز هذا الخلل يكمن في تغييرها كما قالت، ثاني سبب هو الكسل والاكتفاء باستهلاك منتوج الآخرين "تغيير الذهنية هي الخطوة الأولى نحو النجاح" تؤكد لمياء. ثالث سبب يشكل أهم فرق بيننا وبين الآخرين على هذا المستوى، هو المعرفة، إذ تؤكد أنها تبقى هي مفتاح النجاح.
بعد هذا انتلقت الأستاذة لمياء إلى تناول نقطة غاية في الأهمية، وهي التفرقة بين المدرب والقائد. المدرب كما أوضحت تنبني علاقته على جانب يتضمن عنصر سلطة باعتباره كرئيس أو باطرون على الفريق ككل، أما القائد فيختزن قدرة على التأثير بناء على امتلاكه عددا من الأدوات تجعله قادرا على التأثير في محيطه، وتشكيل تكثل منسجم منه، يلتف حول هدف واحد هو تحقيق النجاح، لهذا يجب أن يقدم دائما النموذج، وأن يكون المثال القدوة في التصرفات والمواقف والخطابات.
هو سفر ممتع سافرناه مع الأستاذة لمياء مجيد العلوي في منعرجات موضوع "روح القائد في كرة القدم"، من الصعب أن نحيط في ورقة واحدة بكل مضامينه الغنية، لنا عودة في ورقات قادمة، لنقطف ثمارا جديدة من هذا البستان المعرفي.