أڨاداس يستقطب خبيرا عالميا للتكوين المستمر لأطره
قام رئيس نادي "أڨاداس" البيضاوي لكرة القدم رشيد نصراوي ب "ضربة معلم" لما نجح في كسب رهان إحضار خبير عالمي "رقايقي" بتعبير أهل كرة القدم، في ميدان تكوين المدربين وأطر المدارس الكروية، وهو الإسباني كريستيان أليسا علم من أعلام التكوين عبر العالم، سافر إلى كل قارات العالم، قبل أن يحط رحاله بأرض المغرب كثاني بلد افريقي يحاضر به بعد مصر. تكوين مستمر يمتد على مدى ثلاثة أيام بملعب القرب أڨاداس عين السبع، يجمع بين الشقين النظري والتطبيقي، المستوى فيه عال جدا، يجعلك تعيد النظر في كل مفاهيمك السابقة، لتنطلق على أرضية علمية سليمة.. كرة القدم تتحول يوما بعد يوم إلى علم، ومن لا يطور نفسه باستمرار يحكم على نفسه بالتخلف والموت الكروي المبكر.
رفع نادي "أڨاداس" البيضاوي لكرة القدم، السقف عاليا في مجال التكوين المستمر، وهو يستقدم خبيرا عالميا، الاسباني كريستيان أليسا، حيث جاب جميع قارات العالم طولا وعرضا، وتكون على لديه كم هائل من المدربين، وجاء الدور الآن على مؤطري المدرسة الأڨاداسية، لتكون لهم حظوة الاستفادة من دروس أكاديمية عالية المستوى، تتمحور حول موضوع "المنهجية المبنية على تطوير اللاعب في سياق جماعي"، تكلف فيها بمسؤولية الترجمة بجدارة واقتدار، الإطار الوطني بشير الأجراوي.
نادي "أڨاداس" بخطوته النوعية هاته، يضيف صفحة مضيئة إلى كتابه الذهبي للتكوين، لما أفلح في استقطاب هذا الخبير العالمي إلى المغرب، ليكون ثاني بلد يستضيفه داخل القارة الإفريقية بعد دولة مصر.
افتتحت أشغال هذا التكوين الغير المسبوق سواء من حيث قيمة مؤطره، أو مدته الزمنية بملعب القرب أڨاداس بعين السبع، زوال يوم الثلاثاء 21 يونيو الجاري، بحضور كل الأطر الأڨاداسية فضلا عن أطر أخرى بجمعيات رياضية أو خارجها، إذ كان الباب مفتوحا كما دائما أمام الراغبين في تنمية مدراكهم التدريبية والتكوينية وبالمجان.
وما أضفى قيمة رمزية أكبر على هذا العرس التكويني التاريخي في إطار الجمعيات الرياضية، أن يكون من ضيوفه كل من الإطار الوطني المقتدر عبد الرحيم طاليب الحاصل مؤخرا على دبلوم "كاف برو" ومدرب الحراس الحاج الطيب حسن، هذا الأخير كلف نفسه عناء السفر من طنجة ليكون جزء من هذا المشهد المشرف للمغرب ككل، ولنسيج الجمعيات الرياضية الفاعلة كمدارس في ميدان كرة القدم.
وأنت حاضر في محاضرة هذا الخبير الاسباني كريستيان أليسا، لا يمكن إلا أن تصيغ السمع إليه جيدا، له شخصية كاريزمية، مريح وملم وهاضم لما يلقيه، لا يضيع الوقت في اللغو أو الكلام الغير المرتبط بموضوعه، منظم الأفكار، ينتقل بسلاسة بين منعرجات موضوعه، لما يقدم مشاهد من مباريات لكرة القدم، يكون اختيارا مناسبا ومفسرا لفكرته السابقة، بل يحاول إشراك الأطر الحاضرة معه بطرح أسئلة تتعلق بما يشاهدونه، مستحيل أن يتسلل إليك الملل، وأنت تتابع شرحه وتفسيره بسلاسة، يملك قدرة كبيرة للرد بشكل مقنع على كل التساؤلات.. صراحة كانت فترة ممتعة امتدت لما يفوق أربع ساعات جمعت بين النظري والتطبيقي، مرت بسرعة، لا تكاد تحس بمرور الوقت ، كما لو أنك تتابع مقابلة ممتعة في كرة القدم، تندمج في مجرياتها وتنسى عامل الزمن.
خلال أول حصة من هذا التكوين المستمر، ركز الخبير الاسباني العالمي كريستيان أليسا على محورين، الأول يهم تحسين وتنمية القدرة على اتخاذ القرار في إطار وضعيات مختلفة داخل الملعب، الثاني تحسين التدبير العاطفي أو الوجداني للاعبين في سن التعلم.
بحكم غنى المحاضرة وثراء كل المطروح فيها، سنحاول تقديم أهم أفكارها، نستهلها بما أكد عليها الخبير الاسباني كريستيان بضرورة ترك هامش للحرية أمام أصحاب المواهب للتعبير عن أنفسهم، ويجب عدم قتل مزايا أي لاعب، بقدر ما ينبغي الاشتغال على تنميتها وتطويرها، وتوظيفها في إطار الفريق ككل، وتوصيل رسالة له، مفادها أن موهبته لن تكون لها قيمة بدون الدخول والاندماج في المنظومة الجماعية.
نقطة أخرى لها أهميتها ويجب أن تأخذ في الاعتبار حسب الخبير الاسباني أثناء مسلسل التكوين، وهي التربية على القيم والمبادئ والأخلاق، إذ يجب أن تكون حاضرة على الدوام، بما يفضي في نهاية المطاف إلى تكوين شامل للاعب.
من بين العناصر الأساسية الواجب الاشتغال عليها في التكوين لبلوعها كما أكد المحاضر، وهي ما أسماه اتخاذ القرار المناسب وفق ما تمليه وضعية اللاعب المتواجد عليها داخل رقعة الملعب، إذ تعد هاته ميزة يجب توفرها لدى كل اللاعبين، وتفرزها عدد من المفاهيم الأخرى من قبيل التحفيز وشحن اللاعب بمعناه الإيجابي إضافة إلى تنويع أساليب اللعب. بخصوص هذا الأمر الأخير، أكد الخبير العالمي في تكوين المدربين كريستيان أليسا، أن اللاعب يجب أن تكون لديه القابلية لاستيعاب أي طريقة للعب، دون أن يعني هذا، الحد من حريته على أرض الميدان، حيث يبقى تجاوب اللاعبين مختلفا من واحد لآخر، لهذا شدد أن التصحيح المستمر يعد أحسن وسيلة للتطور مستقبلا بالنسبة لأبناء المدرسة.
"العاطفة جزء من التداريب" لعلها حكمة هاته الحصة كما جاءت على لسان الخبير الاسباني، إذ شدد على عدم إهمال هذا الجانب في التكوين، ولا إسقاطه من الحساب عند التقييم، وعلى المدرب أو المؤطر أن يراقب باستمرار ردود فعل الموهبة عند التصحيح وطريقة تلقيه المعلومة، وهل لديه استعداد وجداني وعاطفي للتعامل مع هذا الأمر؟.
وكشف الخبير العالمي كريستيان أليسا، وهو يلقى محاضرته عن أمر غاية في الأهمية، وقد لا يثير انتباه غير المختص والخبير، وهو أنه قد يحدث تعارض ثنائي ما بين وضعية اللعب في إطار محدد وضيق وأسلوب الفريق، وضرب مثلا بمدرسة نادي برشلونة، حيث ترتكز على مفهوم الاستحواذ على الكرة قبل التحول للهجوم، وقد تتطلب وضعية ما داخل الملعب تنفيذ أسلوب آخر.
هذا التعارض الثنائي المشار إليه أعلاه، قد يتحول إلى ثلاثي ما بين وضعية اللعب وفلسفة الفريق أو النادي وأسلوب المدرب، ما العمل أو الحل في مثل هذا الموقف؟ يجيب الخبير الاسباني أن المدرب يجب أن يتدخل في تلك اللحظة لإعادة الأمور إلى جادة الصواب. هذا فقط جزء من أهم ما تناوله كريستيان أليسا في حصته الأولى، ومن الممكن العودة لباقي الأفكار في ورقة ثانية.
إلى ذلك الحين، أنهى الخبير الاسباني كريستيان أليسا حصة اليوم الأول بدرس تطبيقي على ملعب القرب بعين السبع ينسجم مع كل الأفكار المرتبطة بالتيمة النظرية، تدرجت فيها التمارين في إطار الألعاب المصغرة -أي مساحة صغيرة- من السهل فالمتوسط فالأصعب أو المعقد، وحتى المساحة حرص على زيادة حجمها من تمرين لآخر مع ارتفاع الصعوبة أيضا، قبل أن يختتمها بنصف ملعب كاملا مع حارس مرمى، لما تبين له في التمرين الأخير المتعلق بالمرور من الأطراف للاشتغال على العرضيات، عدم الوصول للنتيجة المسطرة سلفا من طرفه، قرر الوقوف عند هذا الحد حتى الحصة القادمة، نتيجة عدم استيعاب اللاعبين للمطلوب منهم بما يكفي والتنفيذ بالسرعة والإيقاع اللازمين، وقدم للأطر الأڨاداسية تصوره لما كان سيطبقه في التمرين القادم...