أڨاداس... يعيد العربي حبابي إلى الملاعب
تصوروا لاعبا من قيمة العربي حبابي ينضم إلى الطاقم التأطيري لنادي "أڨاداس" البيضاوي لكرة القدم، لاشك أنه مكسب كبير للمدرسة، بل شرف كبير أن يتعزز طاقمها التربوي والتدريسي، باسم من هذا الحجم.. قضى زهرة عمره داخل ملاعب كرة القدم، لم نسمع عنه طيلة إلا كل خير. كان نموذجا للاعب الملتزم والمنضبط.. أول من يحضر إلى التداريب قبل حتى المدرب، وآخر من يغادرها.. يهضم ما يتلقاه من المدرب، وينفذ كل تعليماته، ويحاول بعدهما الاجتهاد من تلقاء نفسه، لتطوير مهاراته بحصص خارج حصص التدريب الاعتيادية.
هذا المنهج العقيدة، هو ما نشأ عليه حبابي وترعرع ، و هو يحاول نقله داخل "أڨاداس" لكل الفئات، بل ويرسخ لدى الأطفال ممن قد يتحولون للاعبي كرة، أن السبيل الوحيد لبلوغ هذا الهدف مستقبلا، هو الانضباط والالتزام واحترام المدرب والاضغاء لتعليماته وتطبيقها حرفيا .
"تفاجأت فعلا من سلوك العربي حبابي، رغم أنه مارس في مستويات عالية، فإن التواضع يظل هو سمته، منذ عرفته كان دائما إنسانا محترما مؤدبا وذا روح طيبة، الرياضة قبل كل شيء أخلاق، ولهذا هو يجمع في تلقينه للأطفال بين الجانب البدني والتقني والأخلاقي التربوي" يقول رئيس "أڨاداس" رشيد نصراوي على هامش الندوة الافتراضية المنظمة من طرف النادي يوم الأربعاء 5 ماي الجاري حول موضوع "استخدام الألعاب المصغرة في تطوير المهارات التكتيكية عند اللاعب".
"هو هرم من أهرامات الكرة في المغرب " بهذا وصفه لاعب الرجاء البيضاوي السابق ميري فخر الدين خلال الندوة نفسها. وصف نابع حسب المتحدث ذاته مما عاينه داخل رقعة الملعب من أداء ينم عن كعب العالي للعربي حبابي.
كان العربي حبابي لاعبا وسيما في شكله وأسلوب لعبه، كان لاعبا فنانا سواء في تحركاته ولمساته ومراوغاته ومغازلته للكرة، رسم لنفسه منذ أول ظهور له، بفريق "أولمبيك خريبكة" على مسار متألق، تألق قاده إلى المنتخب الوطني، إذ وقع معه على حضور مميز في كأس العالم بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1994، رغم الإقصاء من الدور الأول، قبل أن يكتب اسمه بمداد التتويج مع فريقه الأم "أولمبيك اخريبكة"، إذ كان أداؤه حاسما في حصده لأول لقب للبطولة العربية للأندية بالأردن عام 1996 في دورتها السابعة، وفوزه الشخصي بجائزة أفضل لاعب عربي حينذاك.
رأى العربي حبابي النور يوم 30 غشت عام 1967 بمدينة اخريبكة، تفتحت زهرة موهبته كما أبناء جيله داخل ملاعب الأحياء، منها انتقل إلى صفوف أولمبيك خريبكة، ولم يتجاوز عمره 16 عاما.
خلال موسم 1990، ألحقه المدرب الأوكراني يوري سيباسيتيانكو كمؤطر بالفئات الصغرى لأولمبيك اخريبكة بالفئة "أ"، حيث اقترحه للانضمام إلى صفوف الكبار، بعدما قدم أداء باهرا أثار انتباهه، لم يفوت العربي حبابي هاته الفرصة، بل أمسك بها بكل قوة، وضاعف من مجهوداته حتى يفرض نفسه، وينتزع رسميته داخل فريق الكبار، وهو ما تحقق له فعلا.
خمس سنوات بعد حمله للقميص الخريبكي، وتألقه خلالها، فرض اسمه على مدرب المنتخب الوطني حينها، الراحل عبد الله بليندة، ولم يجد بدا من استدعائه للمشاركة في منافسات كأس العالم بالولايات المتحدة الأميركية سنة 1994. حقيقه أن منتخب الأسود غادر من الدور الأول، غير أن حبابي قدم أداء مميزا، ولو أن هاته الذكرى ظلت حزينة في مسيرته، إذ كان يحدوه طموح ليكلل أول حضور له ضمن المنتخب بالنجاح.
لم تتوقف مسيرة حبابي مع المنتخب عند المحطة الأمريكية ، بل سيوقع على حضوره معه سواء في إقصائيات كأس إفريقيا سنة 1996 بجنوب إفريقيا، مع المدرب البرازيلي جيلسون سيغويرا نونيز، أو إقصائيات كأس العالم بفرنسا سنة 1997، قبل أن يحول تعرضه للإصابة مع فريقه النجم الساحلي دون مشاركة في المونديال الفرنسي عام 1998.
خاض العربي حبابي مع منتخب الأسود 70 مباراة دولية، علاوة على عدد كبير من المقابلات داخل البطولة الوطنية، حمل فيها قميص فريقي "أولمبيك اخريبكة" و "الوداد" البيضاوي. تجربة غنية للاعب خلوق، لم يستفد من خبراته بما يكفي حتى الآن، وها هو نادي "أڨاداس" كمدرسة لكرة القدم، يلتفت لكفاءته، ويفتح له كل الأبواب لنقل مهاراته وعصارة تجربته لكل الفئات المنخرطة في المدرسة. مبادرة تعيده إلى الملاعب من جديد ولو بشكل آخر، وتعيد له الأمل من جديد، كلاعب قدم الكثير، ولم يحصد سوى النزر اليسير على مستوى الاعتراف، اللهم حب الجمهور وتقديرلاعبي كرة القدم له من أبناء جيله.