جمال منيب..التنسيق الحركي فطري أم مكتسب؟
لا يمكن تصور لاعب يجيد تقنيات كرة القدم، ما لم يشتغل منذ سن مبكرة على التنسيق الحركي. هذه أهم خلاصة يمكن استنتاجها من محاضرة المشرف العام على كل الفئات داحل نادي "أڨاداس" جمال منيب، كان ألقاها لفائدة الأطر الأڨاداسية، تمحورت حول الموضوع نفسه، أكد خلالها أن تأسيس أي لاعب في كرة القدم على أساس سليم لا يمكن أن يتحقق، ما لم يجر تطوير قدراته الحركية، حتى يبلغ مرحلة امتلاك تصور عن ذاته في علاقتها بمحيطه متمثلا في الملعب، حيث يصبح يجيد إبداء رد فعل المتطلب في المكان والزمان المناسبين
بعد التأكيد في ورقة سابقة على أهمية التنسيق الحركي في تطوير المهارات البدنية والتقنية والتكتيكية والنفسية للاعب الناشئ، نواصل تقديم أهم ما جاء في محاضرة المشرف العام على كل الفئات داخل نادي "أڨاداس" جمال منيب حول هذا الموضوع الهام جدا في عالم كرة القدم، حيث طرح أثناء إلقائها أمام الأطر الأڨاداسية، سؤالا في غاية الأهمية هل التنسيق الحركي فطري أم أنها قابل للاكتساب؟ الجواب كما جاء على لسان المحاضر أنه لا يولد معنا بل يكتسب عن طريق التعلم، بل ويعد التنسيق الحركي قاعدة ونواة لكل ما هو تقني، بل يتعذر بدونه تطوير الجوانب التقنية سواء دفاعيا أو هجوميا . وأثار جمال منيب الانتباه لما يعتبره خطأ يقع فيه البعض، لما يحرق المراحل وينتقل للاشتغال على ما هو خاص كالحديث مثلا عن مراكز هذا اللاعب أو ذاك أو غيرها من المهارات الفنية، قبل أن يجتاز مرحلة تطوير القدرات الحركية العامة، لهذا طالب المؤطرين المشتغلين مع الفئات العمرية من أبناء المدرسة الأڨاداسية ما بين U5 و U9 بالتركيز بشكل أساسي على الألعاب، إذ يجب أن تكون غنية بالحركية، ولن يتحقق هذا الهدف، إلا عن طريق ورشات متنوعة.
واعتبر جمال منيب أن الاهتمام بتطوير التنسيق الحركي والاشتغال عليه، يعود في المقام الأول، إلى أنه سيشكل القاعدة الصلبة في صناعة اللاعب مستقبلا، لهذا شبه الأمر كله كما لو كان منزلا يراد تشييده، وهو ما لا يمكن تحققه على أرض الواقع، ما لم يستند على ما نسميه "ساسي" في دراجتنا.
لأنه بالمثال يتضح الإشكال كما يقال، قدم جمال منيب رسمين يوضحان أن التسرع وحرق المراحل في تكوين اللاعب لن يفضي إلى أي نتائج إيجابية وملموسة على المدى البعيد، بل إن عمر اللاعب الغير المبني بشكل سليم في ما يخص التنسيق الحركي ينتهي بسرعة، ولا يمكنه الذهاب بعيدا في مسيرته الكروية بسبب "أنه ما لعبش بزاف.. ما تحركش بزاف.. ماجراش بزاف..ما راكمش بزاف، كل هذا بسبب أن التسيق الحركي عندو محدود" يوضح المشرف على كل الفئات بنادي "أڨاداس" البيضاوي.
إلى ذلك، وجه جمال منيب رسالة إلى كل الأطر الأڨاداسية المستفيدة من حصص التكوين المستمر، مفادها لا داعي للتسرع وحرق المراحل، لأن السير في هذا الطريق، لا فائدة ترجى منه ولا ثمار تجنى من ورائه في تكوين لاعبي المستقبل، لهذا لا ضير بالنسبة له أن يسير ركب التكوين داخل مدرسة "أڨاداس" بسرعة السلحفاة، إذ يبقى الأهم حسب رأيه، أن يجري الاشتغال على كل شيء في توقيته المناسب.
تحذير آخر حذر منه جمال منيب وهو عدم الغرور والركض وراء سراب التخصص المبكر، لما يرتبط بمراكز اللاعبين داخل رقعة الميدان، فلا يعقل مثلا طرح مثل هذا الأمر بالنسبة للاعب ينتمي إلى فئة أقل من 7 أو 8 أو 9 سنوات، بل يجب أن ينصب الاهتمام على تطوير حركيته وإغنائها واكتسابه لكل القدرات الحركية الكفيلة لاحقا، بأن تجعل منه لاعبا فعالا ومؤثرا في مركزه لما يحين موعد تظهر فيه مؤشرات تحديد المراكز بناء على مهارات ومؤهلات كل لاعب بما يناسب موقعه في النهج الخططي والتكتيكي سواء في الدفاع أو الوسط أو الهجوم..
وختم جمال منيب حديثه بخصوص نتائج الاشتغال على التنسيق الحركي في رسم معالم لاعب المستقبل بقوله الجازم أنه يصعب على أي كان تعلم تقنيات كرة القدم، مالم يتخط هاته العتبة الأساسية والمصيرية، فهو – التنسيق الحركي- من يكون صاحب الكلمة العليا والفصل في تحقيق أمر بالغ الأهمية وهو بلوغ اللاعب إلى وضعية يمتلك فيها تصورا عن ذاته في علاقتها بالمحيط وهو الملعب، تغدو كل أبعاد هذا الفضاء مطبوعة في خياله وعقله، يتحرك على ضوئها، ولا يتصرف من منطلق الهوى.